فصل: باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان والركوب وغير ذلك

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان والركوب وغير ذلك

‏(‏قوله وغير ذلك‏)‏ كالجلوس والتزوج والتطهير‏.‏

مطلب الأيمان مبنية على العرف

‏(‏قوله وعندنا على العرف‏)‏ لأن المتكلم إنما يتكلم بالكلام العرفي أعني الألفاظ التي يراد بها معانيها التي وضعت لها في العرف كما أن العربي حال كونه بين أهل اللغة إنما يتكلم بالحقائق اللغوية فوجب صرف ألفاظ المتكلم إلى ما عهد أنه المراد بها فتح ‏(‏قوله فلا حنث إلخ‏)‏ صرح صاحب الذخيرة والمرغيناني بأنه يحنث بهدم بيت العنكبوت في الفرع المذكور، فمن المشايخ من حكم بأنه خطأ ومنهم من قيد حمل الكلام على العرف بما إذا لم يمكن العمل بحقيقته قال في الفتح‏:‏ ولا يخفى أنه على هذا يصير ما له وضع لغوي، ووضع عرفي يعتبر معناه اللغوي وإن تكلم به أهل العرف، وهذا يهدم قاعدة حمل الأيمان على العرف لأنه لم يصر المعتبر إلا اللغة إلا ما تعذر، وهذا بعيد إذ لا شك أن المتكلم لا يتكلم إلا بالعرف الذي به التخاطب سواء كان عرف اللغة إن كان من أهلها، أو غيرها إن كان من غيرهم نعم ما وقع مشتركا بين اللغة والعرف تعتبر فيه اللغة أنها العرف فأما الفرع المذكور، فالوجه فيه إن كان نواه في عموم قوله بيتا حنث وإن لم يخطر له فلا لانصراف الكلام إلى المتعارف عند إطلاق لفظ بيت فظهر أن مرادنا بانصراف الكلام إلى العرف إذا لم تكن له نية، وإن كان له نية شيء واللفظ يحتمله انعقد اليمين باعتباره ا هـ‏.‏ وتبعه في البحر وغيره‏.‏ مبحث مهم في تحقيق قولهم‏:‏ الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض ‏(‏قوله الأيمان مبنية على الألفاظ إلخ‏)‏ أي الألفاظ العرفية بقرينة ما قبله واحترز به عن القول ببنائها على عرف اللغة أو عرف القرآن ففي حلفه لا يركب دابة ولا يجلس على وتد، لا يحنث بركوبه إنسانا وجلوسه على جبل وإن كان الأول في عرف اللغة دابة، والثاني في القرآن وتدا كما سيأتي وقوله‏:‏ لا على الأغراض أي المقاصد والنيات، احترز به عن القول ببنائها على النية‏.‏ فصار الحاصل أن المعتبر إنما هو اللفظ العرفي المسمى، وأما غرض الحالف فإن كان مدلول اللفظ المسمى اعتبر وإن كان زائدا على اللفظ فلا يعتبر، ولهذا قال في تلخيص الجامع الكبير وبالعرف يخص ولا يزاد حتى خص الرأس بما يكبس ولم يرد الملك في تعليق طلاق الأجنبية بالدخول ا هـ‏.‏ ومعناه أن اللفظ إذا كان عاما يجوز تخصيصه بالعرف كما لو حلف لا يأكل رأسا فإنه في العرف اسم لما يكبس في التنور ويباع في الأسواق، وهو رأس الغنم دون رأس العصفور ونحوه، فالغرض العرفي يخصص عمومه، فإذا أطلق ينصرف إلى المتعارف، بخلاف الخارجة عن اللفظ كما لو قال لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق، فإنه يلغو ولا تصح إرادة الملك أي إن دخلت وأنت في نكاحي وإن كان هو المتعارف لأن ذلك غير مذكور، ودلالة العرف لا تأثير لها في جعل غير الملفوظ ملفوظا‏.‏ إذا علمت ذلك فاعلم أنه إذا حلف لا يشتري لإنسان شيئا بفلس فاللفظ المسمى وهو الفلس معناه في اللغة والعرف واحد، وهو القطعة من النحاس المضروبة المعلومة فهو اسم خاص معلوم لا يصدق على الدرهم أو الدينار فإذا اشترى له شيئا بدرهم لا يحنث وإن كان الغرض عرفا أن لا يشتري أيضا بدرهم ولا غيره ولكن ذلك زائد على اللفظ المسمى غير داخل في مدلوله فلا تصح إرادته بلفظ الفلس، وكذا لو حلف لا يخرج من الباب، فخرج من السطح لا يحنث، وإن كان الغرض عرفا القرار في الدار وعدم الخروج من السطح أو الطاق أو غيرهما، ولكن ذلك غير المسمى ولا يحنث بالغرض بلا مسمى، وكذا لا يضربه سوطا فضربه بعصا لأن العصا غير مذكورة، وإن كان الغرض لا يؤلمه بأن لا يضربه بعصا ولا غيرها، وكذا ليغدينه بألف فاشترى رغيفا بألف وغداه به لم يحنث وإن كان الغرض أن يغديه بما له قيمة وافية وعلى ذلك مسائل أخرى، ذكرها أيضا في تلخيص الجامع‏:‏ لو حلف لا يشتريه بعشرة حنث بأحد عشر ولو حلف البائع لم يحنث به، لأن مراد المشتري المطلقة، ومراد البائع المفردة وهو العرف ولو اشترى أو باع بتسعة لم يحنث لأن المشتري مستنقص والبائع وإن كان مستزيدا لكن لا يحنث بالغرض بلا مسمى كما في المسائل المارة‏.‏ ا هـ‏.‏ فهذه أربع مسائل أيضا‏.‏ الأولى‏:‏ حلف لا يشتريه بعشرة فاشتراه بأحد عشر حنث لأنه اشتراه بعشرة وزيادة والزيادة على شرط الحنث لا تمنع الحنث كما لو حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها ودخل دارا أخرى‏.‏ الثانية‏:‏ لو حلف البائع لا يبيعه بعشرة فباعه بأحد عشر لم يحنث لأن العشرة تطلق على المفردة، وعلى المقرونة أي التي قرن بها غيرها من الأعداد ولما كان المشتري مستنقصا أي طالبا لنقص الثمن عن العشرة علم أن مراده مطلق العشرة أي مفردة أو مقرونة ولما كان البائع مستزيدا أي طالبا لزيادة الثمن عن العشرة علم أن مراده بقوله لا أبيعه بعشرة العشرة المفردة فقط تخصيصا بالعرف فلذا حنث المشتري بالأحد عشر دون البائع‏.‏ الثالثة‏:‏ لو اشترى بتسعة لم يحنث لأنه لم توجد العشرة بنوعيها مع أنه وجد الغرض أيضا لأنه مستنقص‏.‏ الرابعة‏:‏ لو باع بتسعة لم يحنث أيضا لأنه وإن كان غرضه الزيادة على العشرة، وأنه لا يبيعه بتسعة ولا بأقل لكن ذلك غير مسمى لأنه إنما سمى العشرة، وهي لا تطلق على التسعة ولا يحنث بالغرض بلا مسمى لأن الغرض يصلح مخصصا لا مزيدا كما مر، إذا علمت ذلك ظهر لك أن قاعدة بناء الأيمان على العرف معناه أن المعتبر هو المعنى المقصود في العرف من اللفظ المسمى، وإن كان في اللغة أو في الشرع أعم من المعنى المتعارف، ولما كانت هذه القاعدة موهمة اعتبار الغرض العرفي وإن كان زائدا على اللفظ المسمى وخارجا عن مدلوله كما في المسألة الأخيرة وكما في المسائل الأربعة التي ذكرها المصنف دفعوا ذلك الوهم بذكر القاعدة الثانية وهي بناء الأيمان على الألفاظ لا على الأغراض، فقولهم لا على الأغراض دفعوا به توهم اعتبار الغرض الزائد على اللفظ المسمى، وأرادوا بالألفاظ الألفاظ العرفية بقرينة القاعدة الأولى، ولولاها لتوهم اعتبار الألفاظ ولو لغوية أو شرعية فلا تنافي بين القاعدتين كما يتوهمه كثير من الناس حتى الشرنبلالي، فحمل الأولى على الديانة والثانية على القضاء ولا تناقض بين الفروع التي ذكروها‏.‏ ثم اعلم أن هذا كله حيث لم يجعل اللفظ في العرف مجازا عن معنى آخر كما في‏:‏ لا أضع قدمي في دار فلان فإنه صار مجازا عن الدخول مطلقا كما سيأتي ففي هذا لا يعتبر اللفظ أصلا حتى لو وضع قدمه ولم يدخل لا يحنث لأن اللفظ هجر وصار المراد به معنى آخر ومثله لا آكل من هذه الشجرة وهي لا تثمر ينصرف إلى ثمنها حتى لا يحنث بعينها وهذا بخلاف ما مر، فإن اللفظ فيه لم يهجر بل أريد هو وغيره فيعتبر اللفظ المسمى دون غيره الزائد عليه أما هذا فقد اعتبر فيه الغرض فقط لأن اللفظ صار مجازا عنه فلا يخالف ذلك القاعدتين المذكورتين فاغتنم هذا التقرير الساطع المنير الذي لخصناه من رسالتنا المسماة‏:‏ رفع الانتقاض ودفع الاعتراض على قولهم‏:‏ الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض فإن أردت الزيادة على ذلك والوقوف على حقيقة ما هنالك فارجع إليها واحرص عليها فإنها كشفت اللثام عن حور مقصورات في الخيام والحمد لله رب العالمين‏.‏ ‏(‏قوله أو لا يضربه أسواطا‏)‏ في بعض النسخ سوطا وهو الموافق لما في تلخيص الجامع ‏(‏قوله وضرب بعضها‏)‏ أي بعض الأسواط وفيه أنه لم يذكر للأسواط عدد وفي بعض النسخ وضرب بعصا بعين وصاد مهملتين وهو الموافق لما في تلخيص الجامع ‏(‏قوله لأن العبرة لعموم اللفظ‏)‏ فيه أنه لا عموم في هذه الفروع على أن العرف يصلح مخصصا لعموم اللفظ كما قدمناه فصارت العبرة للعرف لا لعموم اللفظ فالصواب إسقاط لفظة عموم فيوافق ما مر من اعتبار الألفاظ لا الأغراض على ما قررناه آنفا ‏(‏قوله إلا في مسائل‏)‏ لا حاجة إلى هذا الاستثناء لأن هذه المسائل داخلة في قاعدة اعتبار اللفظ كما علمت‏.‏

‏(‏قوله والبيعة‏)‏ بكسر الباء وسكون الياء وقوله للنصارى أي متعبدهم، والكنيسة لليهود أي متعبدهم وتطلق أيضا على متعبد النصارى مصباح‏.‏ وفي القهستاني عن القاموس البيعة متعبد النصارى أو متعبد اليهود أو الكفار ا هـ‏.‏ فيستعمل كل منهما مكان الآخر ‏(‏قوله والدهليز‏)‏ بكسر الدال ما بين الباب والدار فارسي معرب بحر عن الصحاح ‏(‏قوله والظلة التي على الباب‏)‏ قال في البحر‏:‏ والظلة الساباط الذي يكون على باب الدار من سقف له جذوع أطرافها على جدار الباب وأطرافها الأخر على الجدار المقابل له وإنما قيدنا به لأن الظلة إذا كان معناها ما هو داخل البيت مسقفا فإنه يحنث بدخوله لأنه يبات فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله إذا لم يصلحا للبيتوتة‏)‏ أما إذا صلحا لها يحنث بأن كانت الظلة داخل البيت كما مر وكان الدهليز كبيرا بحيث يبات فيه قال في الفتح‏:‏ فإن مثله يعتاد بيتوتته للضيوف في بعض القرى، وفي المدن يبيت فيه بعض الأتباع في بعض الأوقات فيحنث‏.‏ والحاصل أن كل موضع إذا أغلق الباب صار داخلا لا يمكنه الخروج من الدار وله سعة تصلح للمبيت من سقف يحنث بدخوله‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في حلفه‏)‏ متعلق بقوله لا يحنث ط ‏(‏قوله لأنها‏)‏ أي هذه المذكورات وهو علة لقوله‏:‏ لا يحنث والصالح للبيتوتة من دهليز وظلة يعد عرفا للبيتوتة ط ‏(‏قوله ولذا‏)‏ أي لكون المعتبر الصلوح للبيتوتة وعدمه ط ‏(‏قوله في الصفة‏)‏ أي سواء كان لها أربع حوائط كما هي صفاف الكوفة أو ثلاثة على ما صححه في الهداية بعد أن يكون مسقفا، كما هي صفاف دورنا لأنه يبات فيها غاية الأمر أن مفتحه واسع كذا في الفتح قوله والإيوان‏)‏ عطف تفسير ط ‏(‏قوله لأنه‏)‏ أي الصفة بتأويل البيت أو المكان ‏(‏قوله وإن لم يكن مسقفا‏)‏ قد علمت أنه في الفتح قال بعد أن يكون مسقفا نعم ذكر في الفتح أن السقف ليس شرطا في مسمى البيت والدهليز قال في الشرنبلالية فكذا الصفة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وعرفنا في الشام إطلاق البيت على ما له أربع حوائط في جملة أماكن الدار السفلية أما الأماكن العلوية فتسمى طبقة وقصرا وعلية ومشرفة وأهل مدينة دمشق عرفهم إطلاق البيت على الدار بجملتها فيحكم على كل قوم بعرفهم‏.‏

‏(‏قوله لا بناء بها أصلا‏)‏ قيد به تبعا للفتح حيث قال‏:‏ وهذا هو المراد فإنه قال في مقابله فيما إذا حلف لا يدخل هذه الدار فدخلها بعد ما صارت صحراء حنث وإنما تقع المقابلة بين المعين والمنكر في الحكم إذا توارد حكمها على محل فأما إذا دخل بعدما زال بعض حيطانها فهذه دار خربة فينبغي أن يحنث في المنكر إلا أن تكون له نية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لأن الدار اسم للعرصة‏)‏ أي أنها في اللغة اسم للعرصة التي ينزل بها أهلها وإن لم يكن بها بناء أصلا لأنهم كانوا ا يضعون فيها الأخبية لا أبنية الحجر والمدر فصح أن البناء وصف فيها غير لازم بل اللازم فيها كونها قد نزلت غير أنها في عرف أهل المدن لا تقال إلا بعد البناء فيها، ولو انهدم بعد ذلك بعضها قيل دار خراب فيكون الوصف جزء مفهومها، فإن زالت بالكلية وعادت ساحة فالظاهر أن إطلاق اسم الدار عليها عرفا كهذه دار فلان مجاز باعتبار ما كان والحقيقة أن يقال كانت دارا فتح ‏(‏قوله والبناء وصف إلخ‏)‏ بيان لوجه الفرق بين الدار المنكرة والمعرفة أما البيت فلا فرق فيه كما يأتي ‏(‏قوله إنما تعتبر في المنكر‏)‏ لأنها هي المعرفة له لا في المعين، لأن ذاته تتعرف بالإشارة فوق ما تتعرف بالصفة فتح ‏(‏قوله إلا إذا كانت شرطا‏)‏ في الذخيرة قالوا الصفة إذا لم تكن داعية إلى اليمين إنما لا تعتبر في المعين إذا ذكرت على وجه التعريف، أما إذا ذكرت على وجه الشرط تعتبر وهو الصحيح، ألا ترى أن من قال لامرأته‏:‏ إن دخلت هذه الدار راكبة فهي طالق فدخلتها ماشية لا تطلق واعتبرت الصفة في المعين لما ذكرت على سبيل الشرط‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقوله هذه إشارة للمرأة فاعل دخلت والدار مفعول ليصير قوله راكبة صفة للمعين بالإشارة وهو المرأة ‏(‏قوله أو داعية لليمين‏)‏ أي حاملة عليه فإن الامتناع عن أكل الرطب قد يكون لضرره، فلا يحنث بعد صيرورته تمرا وسيأتي تمام الكلام عليه ‏(‏قوله وإن جعلت‏)‏ أي الدار المعرفة بالإشارة ‏(‏قوله أو بيتا‏)‏ في النهر عن المحيط‏:‏ لو كانت دارا صغيرة فجعلها بيتا واحدا وأشرع بابه إلى الطريق أو إلى دار أخرى لا يحنث بدخولها لتبدل الاسم والصفة بحدوث أمر جديد‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لا يحنث‏)‏ لأنها لا تسمى دارا لحدوث اسم آخر لها ذخيرة ‏(‏قوله وإن بنيت بعد ذلك‏)‏ لأنه عاد اسم الدار بسبب جديد فنزل منزلة اسم آخر وكذا لو لم تبن لأنه لم يزل اسم المسجد ونحوه عنها يقال مسجد خراب وحمام خراب ذخيرة ‏(‏قوله وكذا بيتا بالأولى‏)‏ لأنه إذا اعتبر وصف البناء في معرفه ففي منكره أولى‏.‏ قال في البحر‏:‏ فصار الحاصل أن البيت لا فرق فيه بين أن يكون منكرا أو معرفا فإذا دخله وهو صحراء لا يحنث لزوال الاسم بزوال البناء، وأما الدار ففرق بين المنكرة والمعرفة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله لزوال اسم البيت‏)‏ أي بالانهدام لزوال مسماه وهو البناء الذي يبات فيه بخلاف الدار لأنها تسمى دارا ولا بناء فيها فتح‏.‏ وفي الذخيرة قال قائلهم‏:‏ الدار دار وإن زالت حوائطها والبيت ليس ببيت بعد تهديم ‏(‏قوله لأنه كالصفة‏)‏ الضمير للسقف قال في الهداية‏:‏ يحنث لأنه‏:‏ يبات فيه والسقف وصف فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة لأن اسم البيت لم يزل عنه لإمكان البيتوتة فيه أو نقول اسم البيت ثابت لهذه البقعة لأجل الحيطان والسقف جميعا فإذا زال السقف فقد زال الاسم من وجه دون وجه، فلا تبطل اليمين بالشك وقياس الأول يحنث في المنكر أيضا لأن اسم البيت لم يزل، وعلى قياس الثاني لا يحنث لأنه بيت من وجه، والحاجة هنا إلى عقد اليمين فلا ينعقد عليه بالشك بخلاف المعين فإن اليمين كانت منعقدة على هذه العين فلا تبطل بالشك ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله وعزاه في البحر إلى البدائع إلخ‏)‏ أي عزا ما ذكر في المنكر، ومقتضى ما نقلناه عن الذخيرة أن الحكم فيه غير منقول وإنما هو تخريج مبني على اختلاف التعليل في المعرف، فما في البدائع أحد وجهين والوجه الآخر ما بحثه في النهر فافهم ‏(‏قوله حنث بدخولها على أي صفة كانت‏)‏ أي دارا أو مسجدا أو حماما لانعقاد اليمين على العين دون الاسم والعين باقية ذخيرة ‏(‏قوله كهذا المسجد‏)‏ أي فإنه يحنث بدخوله على أي صفة كان ط ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ خلافا لقول محمد إنه إذا خرب واستغني عنه يعود إلى ملك الباقي أو ورثته ط عن الإسعاف ‏(‏قوله لم يحنث‏)‏ لأن اليمين وقعت على بقعة معينة فلا يحنث بغيرها بحر ‏(‏قوله وكذلك الدار‏)‏ أي لو زيد فيها حصة ‏(‏قوله وذلك‏)‏ أي ما عقد يمينه عليه موجود في الزيادة‏.‏ قلت‏:‏ وهذا الفرع يؤيد القول بأن ما زيد في مسجده صلى الله عليه وسلم له فضيلة أصل المسجد الواردة في حديث‏:‏ «وصلاة في مسجدي» وقدمنا تمام الكلام على ذلك في الصلاة‏.‏

‏(‏قوله فنقضت‏)‏ أي حتى صارت، خشبا ‏(‏قوله لم يحنث‏)‏ لأن ذلك أعيد بصنعة جديدة قائمة بالعين، ومن ذلك إذا حلف لا يجلس على هذا البساط فخيط جانباه وجعل خرجا وجلس عليه لا يحنث لأنه صار يسمى خرجا فإن فتقت الخياطة حتى عاد بساطا فجلس عليه حنث لأن الاسم عاد لا بصنعة جديدة قائمة بالعين لأن الفتق إبطال الصنعة لا صنعة ولو قطع وجعل خرجين ثم فتقه وخاط القطع، وجعلهما بساطا واحدا لا يحنث، وإن عاد الاسم لأنه عاد بصنعة جديدة قائمة بالعين ألا ترى أنه بمجرد الفتق لا يعود اسم البساط إلا بعد الخياطة وهذا إذا كان كل واحد من الخرجين لا يسمى بساطا لصغره فلو سمي يحنث وتمامه في الذخيرة ‏(‏قوله ثم يراه‏)‏ لأنه إنما صار قلما بسبب جديد ذخيرة ‏(‏قوله فإذا كسره‏)‏ قال الفضلي هذا إذا كسره على وجه يزول عنه اسم القلم فإنه يحتاج إلى الثناء أما إذا كسر رأس القلم بأن لا يحتاج إلى الإصلاح يحنث صيرفية‏.‏ قال ط‏:‏ والعرف الآن بخلاف هذا فإنه يقال قلم مكسور ‏(‏قوله والواقف على السطح‏)‏ أي سطح الدار المحلوف على عدم دخولها إذا وصل إليه من سطح آخر، وإنما عد داخلا لأن الدار عبارة عما أحاطت به الدائرة وهذا حاصل في علو الدار وسفلها كما في الفتح ‏(‏قوله خلافا للمتأخرين‏)‏ هم المعبر عنهم في قول الهداية وقبل في عرفنا يعني عرف العجم لا يحنث فتح ‏(‏قوله وعدمه على مقابله‏)‏ أي عدم الحنث الذي هو قول المتأخرين على مقابله‏:‏ أي على سطح لا ساتر له لأنه ليس إلا في هواء الدار فلا يحنث من حيث اللغة، إلا أن يكون عرف أنه داخل الدار‏.‏ والحق أن السطح لا شك أنه من الدار لأنه من أجزائها حسا لكن لا يلزم من القيام عليه أن يقال إنه في العرف داخل الدار ما لم يدخل جوفها إذ لا يتعلق لفظ دخل إلا بجوف حتى صح أن يقال لم يدخل الدار، ولكن صعد السطح من خارج أفاده في الفتح‏.‏ وحاصله أن الدخول لا يتحقق في العرف إلا في موضع له ساتر من حيطان أو درابزين أو نحوه قال في النهر‏:‏ ومقتضى كلام الكمال أنه لو حلف لا يخرج منها فصعد إلى سطحها الذي لا ساتر له أن يحنث والمسطور في غاية البيان أنه لا يحنث مطلقا لأنه ليس بخارج‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فيه نظر لأنه لا يلزم من عدم تحقق الدخول في صعود السطح أن يحقق الخروج فيه بل يصح أن يقال إن من صعد السطح ليس بداخل ولا خارج لأن حقيقة الدخول الانفصال من الخارج إلى الداخل والخروج عكسه، ولا شك أن السطح حيث كان من أجزاء الدار لم يكن الصاعد إليه خارجا عنها، ومقتضى هذا أن يحنث إذا توصل إليه من خارجها لأنه انفصل من خارجها إلى داخلها، لكن مبنى كلام الكمال على أنه لا يسمى في العرف داخلا فيها ما لم يدخل جوفها والجوف المستور بساتر هذا ما ظهر لي فافهم ‏(‏قوله لا يحنث‏)‏ لأن الواقف على السطح لا يسمى واقفا عندهم زيلعي وهذا على توفيق الكمال محمول على سطح لا ساتر له لما علمت من أن المتأخرين هم المعبر عنهم في كلام الهداية بقوله‏:‏ وقيل في عرفنا يعني عرف العجم، فكان ينبغي للشارح أن يذكر توفيق الكمال بعد قوله وقال ابن الكمال لكن يبقى بعد هذا في كلامه إيهام أن ما نقله عن ابن الكمال قول ثالث خارج عن قولي المتقدمين والمتأخرين مع أنه قول المتأخرين كما سمعت ‏(‏قوله وعليه الفتوى‏)‏ لأن المفتى به اعتبار العرف فحيث تغير العرف فالفتوى على العرف الحادث فافهم ‏(‏قوله وأفاد‏)‏ أي قوله والواقف على السطح داخل ‏(‏قوله ولو ارتقى شجرة‏)‏ أي في الدار والمراد أنه ارتقى إليها من خارج الدار، وإلا كان داخلا في الدار فيحنث بلا خلاف ح‏.‏ ‏(‏قوله أو حائطا‏)‏ أي مختصا بالدار فلو مشتركا بينه وبين الجار لم يحنث كما في الظهيرية بحر فافهم ‏(‏قوله لأنه لا يسمى داخلا عرفا‏)‏ لما مر من أنه لا يتعلق لفظ دخل إلا بجوف ‏(‏قوله لا ينتفع به أهل الدار‏)‏ أما لو كان للقناة موضع مكشوف في الدار يستقون منه، فإذا بلغه حنث لأنه من منافع الدار بمنزلة بئر الماء وإن كان للضوء لم يحنث لأنه ليس من مرافقها ولا يعد داخله داخلا في الدار بحر عن المحيط ملخصا، وقوله للضوء‏:‏ أي لضوء القناة كما عبر في الخانية وفي بعض نسخ البحر للوضوء وهو تحريف ‏(‏قوله قال‏)‏ أي في البحر ‏(‏قوله وعم إطلاقه‏)‏ أي إطلاق السطح بأن حلف لا يدخل المسجد فدخل سطحه ‏(‏قوله لأنه ليس بمسجد‏)‏ ظاهره كما قال ط إن المراد مسكن بناه الواقف أما الحادث على سطحه فلا يخرج السطح عن حكم المسجد‏.‏ قلت‏:‏ لكن في العرف لا يسمى ذلك المسكن مسجدا مطلقا تأمل ‏(‏قوله ولو نقبا‏)‏ قال في البحر‏:‏ فإن نقب للدار بابا آخر فدخل يحنث لأنه عقد يمينه على الدخول من باب منسوب للدار وقد وجد‏.‏ وإن عنى به الباب الأول يدين لأن لفظه يحتمله ولا يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر حيث أراد بالمطلق المفيد ‏(‏قوله إلا إذا عينه بالإشارة‏)‏ فإذا دخل من باب آخر لا يحنث لأنه لم يوجد الشرط بحر ‏(‏قوله كان خارجا‏)‏ أي كان الطاق أو الواقف خارجا عن الباب ‏(‏قوله بحيث إلخ‏)‏ تصوير للعكس ‏(‏قوله انعكس الحكم‏)‏ ففي الوجه الأول يحنث وفي عكسه لا ‏(‏قوله لكن في المحيط إلخ‏)‏ استدراك على ما أفاده قوله انعكس الحكم من أنه إذا وقف على العتبة الخارجة يحنث في حلفه لا يخرج، فإن مقتضى ما في المحيط أن لا يحنث لكون العتبة من كون الدار اللهم إلا أن يفرق بالعرف فإن من كان على العتبة الخارجة يعد خارجا ومن كان على أغصان الشجرة يعد مستعليا على أغصان الشجرة التي في الدار لا خارجا ط‏.‏ قلت‏:‏ ومر أن الظاهر قول المتأخرين في أنه لا يعد داخلا عرفا بارتقاء الشجرة فكذا لا يعد خارجا في مسألتنا ‏(‏قوله لأن الشجرة كبناء الدار‏)‏ أي فهي كظلة في الدار على الطريق ‏(‏قوله إذا كان الحالف‏)‏ أي على عدم الخروج ‏(‏قوله لم يحنث‏)‏ لأن اعتماد جميع بدنه على رجله التي هي في الجانب الأسفل ‏(‏قوله زيلعي‏)‏ ومثله في كثير من الكتب بحر ‏(‏قوله هو الصحيح‏)‏ عزاه في الظهيرية‏:‏ إلى السرخسي وفي البحر وهو ظاهر لأن الانفصال التام إلخ‏.‏ وقال في الفتح وفي المحيط‏:‏ لو أدخل إحدى رجليه لا يحنث وبه أخذ الشيخان الإمامان شمس الأئمة الحلواني والسرخسي، هذا إذا كان يدخل قائما فلو مستلقيا على ظهره أو بطنه أو جنبه فتدحرج، حتى صار بعضه داخل الدار، إن كان الأكثر داخل الدار يصير داخلا وإن كان ساقاه خارجها ‏(‏قوله ودوام الركوب واللبس إلخ‏)‏ يعني لو حلف لا يركب هذه الدابة، وهو راكبها أو لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه أو لا يسكن هذه الدار وهو ساكنها فمكث ساعة حنث، فلو نزل أو نزع الثوب أو أخذ في النقلة من ساعته لم يحنث‏.‏ ‏(‏قوله فيحنث بمكث ساعة‏)‏ لأن هذه الأفاعيل لها دوام بحدوث أمثالها وإلا فدوام الفعل حقيقة مع أنه عرض لا يبقى مستحيل كما في النهر والمراد بالساعة التي تكون دواما هي ما يمكنه فيها النزول ونحوه كما في البحر، فلو دام على السكنى لعدم إمكان الخروج والنقلة لا يحنث كما يأتي بيانه ‏(‏قوله لا دوام الدخول إلخ‏)‏ لأن الدخول حقيقة ولغة وعرفا في الانفصال من الخارج إلى الداخل، ولا دوام لذلك ولذا لو حلف ليدخلها غدا وهو فيها، فمكث حتى مضى الغد حنث لأنه لم يدخلها فيه إذا لم يخرج، ولو نوى بالدخول الإقامة فيها لم يحنث وكذا لو حلف لا يخرج وهو خارج لا يحنث، حتى يدخل ثم يخرج وكذا لا يتزوج وهو متزوج، ولا يتطهر وهو متطهر فاستدام النكاح والطهارة لا يحنث فتح ‏(‏قوله والضابط أن ما يمتد‏)‏ أي ما يصح امتداده كالقعود والقيام ولذا يصح قران المدة به كاليوم والشهر‏.‏ ‏(‏قوله وهذا‏)‏ أي الحنث بالمكث ساعة فيما يمتد لو اليمين حال الدوام‏:‏ أي لو حلف وهو متلبس بالفعل بأن قال إن ركبت فكذا وهو راكب فيحنث بالمكث، أما لو حلف قبله فلا يحنث بالمكث بل بإنشاء الركوب قال في الفتح‏:‏ لأن لفظ ركبت إذا لم يكن الحالف راكبا يراد به إنشاء الركوب، فلا يحنث بالاستمرار، وإن كان له حكم الابتداء بخلاف حلف الراكب لا أركب فإنه يراد به الأعم من ابتداء الفعل وما في حكمه عرفا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله في الفصول كلها‏)‏ أي يمتد وما لا يمتد سواء كان متلبسا بالفعل ثم حلف أو لم يكن ط ‏(‏قوله وإليه مال أستاذنا‏)‏ عبارة المجتبى وفيه عن أبي يوسف ما يدل عليه وإليه أشار أستاذنا ا هـ‏.‏ ونقل كلامه في البحر وأقره عليه والظاهر أن عرف زمانه كان كذلك أيضا‏.‏

مطلب حلف لا يسكن الدار

‏(‏قوله حلف لا يسكن إلخ‏)‏ فلو حلف لا يقعد في هذه الدار ولا نية له قالوا إن كان ساكنا فيها فهو على السكنى وإلا فعلى القعود حقيقة بحر عن المحيط‏.‏ وفي الخانية‏:‏ حلف لا يخرج من بلد كذا فهو الخروج ببدنه، وفي لا يخرج من هذه الدار فهو على النقلة منها بأهله إن كان ساكنا فيها إلا إذا دل الدليل أنه أراد الخروج ببدنه ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله يعني الحارة‏)‏ كذا قال في البحر المحلة هي المسماة في عرفنا بالحارة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ المحلة في عرفنا الآن تطلق على الصقع الجامع لأزقة متعددة، كل زقاق منها يسمى حارة وقد تطلق الحارة على المحلة كلها ‏(‏قوله فخرج‏)‏ وكذا لو لم يخرج بالأولى بحر لأن السكنى مما يمتد فلدوامه حكم الابتداء وظاهر ما مر عن المجتبى عدم الحنث في عرفهم ‏(‏قوله وأهله‏)‏ قال في البحر‏:‏ الواو بمعنى أو لأن الحنث يحصل ببقاء أحدهما، والمراد بالأهل زوجته وأولاده الذين معه وكل من كان يأويه لخدمته والقيام بأمره كما في البدائع ‏(‏قوله حتى لو بقي وتد حنث‏)‏ جعل حنث جواب لو فصار المتن بلا جواب، فكان المناسب الأخصر أن يقول ولو وتدا وهو بكسر التاء أفصح من فتحها قهستاني، وهذا تعميم للمتاع جريا على قول الإمام بأنه لا بد من نقل المتاع كله كالأهل ‏(‏قوله واعتبر قوله إلخ‏)‏ أي لأن ما وراء ذلك ليس من السكنى هداية‏.‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يعتبر نقل الأكثر لتعذر نقل الكل في بعض الأوقات‏.‏ قال في البحر‏:‏ وقد اختلف الترجيح فالفقيه أبو الليث رجح قول الإمام وأخذ به والمشايخ استثنوا منه ما لا يتأتى به السكنى كقطعة حصير ووتد كما ذكره في التبيين وغيره ورجح في الهداية قول محمد بأنه أحسن وأرفق ومنهم من صرح بأن الفتوى عليه كما في الفتح‏.‏ وصرح كثير كصاحب المحيط والفوائد الظهيرية والكافي بأن الفتوى على قول أبي يوسف، والإفتاء بقول الإمام أولى لأنه أحوط وإن كان غيره أرفق‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ أنت خبير بأنه ليس المدار إلا على العرف ولا شك أن من خرج على نية ترك المكان وعدم العود إليه ونقل من أمتعته ما يقوم به أمر سكناه وهو على نية نقل الباقي يقال ليس ساكنا فيه بل انتقل منه وسكن في المكان الفلاني‏.‏ وبهذا يترجح قول محمد‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا الترجيح بالوجه المذكور مأخوذ من الفتح وفي الشرنبلالية عن البرهان أن قول محمد أصح ما يفتى به من التصحيحين‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ويؤيده ما مر من استثناء المشايخ فإن عليه يتحد قول الإمام مع قول محمد، وأما قول النهر إنه ليس قول واحد منهم فهو غير ظاهر وإن كان كلام الزيلعي وغيره يوهم ما قاله فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله على الأوجه‏)‏ قال في الهداية‏:‏ فإن انتقل إلى السكة أو إلى المسجد قالوا لا يبر‏.‏ دليله في الزيادات أن من خرج بعياله من مصره فما لم يتخذ وطنا آخر يبقى وطنه الأول في حق الصلاة كذا هذا ا هـ‏.‏ وفي الزيلعي‏:‏ وقال أبو الليث‏:‏ هذا إذا لم يسلم الدار المستأجرة إلى أهلها وأما إذا سلم فلا يحنث وإن كان هو والمتاع في السكة أو في المسجد ا هـ‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وإطلاق عدم الحنث أوجه وبقاء وطنه في حق إتمام الصلاة لا يستلزم تسميته ساكنا عرفا، بل يقطع العرف فيمن نقل أهله وأمتعته وخرج مسافرا أن لا يقال فيه إنه ساكن وتمامه فيه‏.‏ وفي البحر عن الظهيرية والصحيح أنه يحنث ما لم يتخذ مسكنا آخر هـ‏.‏ قلت‏:‏ المعتبر العرف والعرف خلافه كما علمت ‏(‏قوله وهذا إلخ‏)‏ الإشارة إلى ما في المتن قال في النهر‏:‏ وجواب المسألة مقيد بقيود أن تكون اليمين بالعربية، وأن يكون الحالف مستقلا بالسكنى وأن لا يكون الترك لطلب منزل ‏(‏قوله ولو بالفارسية بر بخروجه بنفسه‏)‏ وإن كان مستقلا بسكناه فتح وهذا الفرق منقول عن أبي الليث قال في النهر‏:‏ وكأنه بناه على عرفهم ‏(‏قوله كما لو كان سكناه تبعا‏)‏ كابن كبير ساكن مع أبيه أو امرأة مع زوجها فلو حلف أحدهما لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه وترك أهله وماله أو هي زوجها ومالها لا يحنث فتح ‏(‏قوله كما لو أبت المرأة وغلبته‏)‏ أي وخرج هو ولم يرد العود إليه بحر، وأطلقه فشمل ما إذا خاصما عند الحاكم أو لا كما في البزازية ‏(‏قوله أو لم يمكنه الخروج إلخ‏)‏ عطفه على ما قبله غير مناسب لأن ما قبله في المسائل التي يبر فيها بخروجه بنفسه، وهذا ليس منها فالمناسب أن يقول‏:‏ ولو لم يمكنه الخروج إلخ ويكون الجواب قوله الآتي لم يحنث قال في الفتح‏:‏ ثم إنما يحنث بتأخير ساعة إذا أمكنه النقل فيها وإلا بأن كان لعذر ليل أو خوف اللص، أو منع ذي سلطان أو عدم موضع ينتقل إليه أو أغلق عليه الباب فلم يستطع فتحه أو كان شريفا أو ضعيفا لا يقدر على حمل المتاع بنفسه، ولم يجد من ينقله لا يحنث، ويلحق ذلك الوقت بالعدم للعذر‏.‏

مطلب إن لم أخرج فكذا فقيد أو منع حنث

وأورد ما ذكره الفضلي فيمن قال‏:‏ إن لم أخرج من هذا المنزل اليوم فهي طالق فقيد أو منع من الخروج حنث وكذا إذا قال لامرأته وهي في منزل أبيها إن لم تحضري الليلة منزلي فمنعها أبوها من الخروج حنث، وأجيب بالفرق بين كون المحلوف عليه عدما فيحنث بتحقيقه كيفما كان لأن العدم لا يتوقف على الاختيار، وكونه فعلا فيتوقف عليه كالسكنى لأن المعقود عليه الاختياري، وينعدم بعدمه فيصير مسكنا لا ساكنا فلم يتحقق شرط الحنث ا هـ‏.‏ ثم أعاد المسألة في آخر الأيمان وذكر عن الصدر الشهيد في الشرط العدمي خلافا، وأن الأصح الحنث لأن الشرع قد يجعل الموجود معدوما بالعذر كالإكراه وغيره ولا يجعل المعدوم موجودا وإن وجد العذر ا هـ‏.‏ ونحوه في الزيلعي والبحر، وقد أوضحنا هذه المسألة في آخر التعليق من الطلاق ‏(‏قوله ولو بدخول ليل‏)‏ هذا بمجرده عذر في حق المرأة بخلاف الرجل لما في آخر أيمان الفتح عن الخلاصة قال لها‏:‏ إن سكنت هذه الدار فأنت طالق وكان ليلا فهي معذورة حتى تصبح، ولو قال لرجل لم يكن معذورا هو الأصح إلا لخوف لص أو غيره ‏(‏قوله أو غلق باب‏)‏ أي إذا لم يقدر على فتحه والخروج منه ولو قدر على الخروج بهدم بعض الحائط ولم يهدم لم يحنث لأن المعتبر القدرة من الخروج من الوجه المعهود عند الناس كما في الظهيرية بحر ‏(‏قوله وإن بقي أياما‏)‏ هو الصحيح لأن طلب المنزل من عمل النقلة فصار مدة الطلب مستثنى إذا لم يفرط في الطلب فتح ‏(‏قوله وإن أمكنه أن يستكري دابة‏)‏ أي لنقل المتاع في يوم واحد مثلا إذ لا يلزمه النقل بأسرع الوجوه، بل بقدر ما يسمى ناقلا في العرف فتح ‏(‏قوله دين‏)‏ أي ولا يصدق في القضاء بحر عن البدائع‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

حلف لا يسكن هذه الدار ولم يكن ساكنها فيها، لا يحنث حتى يسكنها بنفسه وينقل إليها من متاعه ما يبات فيه ويستعمله في منزله كما في البحر عن البدائع ‏(‏قوله فإنه يبر بنفسه فقط‏)‏ أي ولا يتوقف على نقل المتاع والأهل فتح قال في النهر‏:‏ وفي عصرنا يعد ساكنا بترك أهله ومتاعه فيها ولو خرج وحده فينبغي أن يحنث قال الرملي كونه يعد ساكنا مطلقا غير مسلم بل إنما يعد ساكنا إذا كان قصده العود، أما إذا خرج منها لا بقصد العود لا يعد ساكنا ولعله مفيد بذلك‏.‏

مطلب حلف لا يساكن فلانا

‏(‏قوله حلف لا يساكن فلانا‏)‏ فإن كان ساكنا معه فإن أخذ في النقلة وهي ممكنة وإلا حنث قال محمد فإن كان وهب له المتاع وقبضه منه وخرج من ساعته وليس من رأيه العود فليس بمساكن‏.‏ وكذلك إن أودعه المتاع أو أعاره ثم خرج ولا يريد العود بحر‏.‏ وفي حاشية الرملي عن التتارخانية لا تثبت المساكنة إلا بأهل كل منهما ومتاعه ‏(‏قوله فساكنه في عرصة دار‏)‏ أي ساحتها وهذا في بيت أو غرفة بالأولى ‏(‏قوله أو هذا في حجرة‏)‏ في بعض النسخ بالواو، ونسخة أو أحسن وهي الموافقة للبحر ‏(‏قوله حنث‏)‏ فلو نوى أن لا يساكنه في بيت واحد أو حجرة واحدة يكونان فيه معا لم يحنث، حتى يساكنه فيما نوى وإن نوى بيتا بعينه لم يصح بزازية‏.‏ وفي الذخيرة وغيرها لا يساكنه في هذه المدينة أو القرية أو في الدنيا فساكنه في دار حنث‏.‏ ولو سكن كل في دار فلا إلا إذا نوى ‏(‏قوله إلا أن تكون دارا كبيرة‏)‏ نحو دار الوليد بالكوفة ودار نوح ببخارى لأن هذه الدار بمنزلة المحلة ظهيرية‏.‏ ‏(‏قوله ولو تقاسماها إلخ‏)‏ يعني لو حلف لا يساكن فلانا في دار فاقتسماها وضربا بينهما حائطا وفتح كل منهما لنفسه بابا ثم سكن كل منهما في طائفة فإن سمى دارا بعينها حنث وإن لم يسم ولم ينو فلا كما في الخانية ووجهه كما قال السائحاني أن اليمين إذا عقدت على دار بعينها يحنث بعد زوال البناء فبعد القسمة أولى ‏(‏قوله ولو دخلها فلان غصبا‏)‏ معناه وسكنها لأنه لا يحنث بمجرد الدخول رملي، ومر أن المساكنة لا تثبت إلا بأهل كل منهما ومتاعه ‏(‏قوله وإن انتقل فورا‏)‏ أي على التفصيل السابق قوله وكما لو نزل ضيفا‏)‏ أي لا يحنث قال في الخلاصة وفي الأصل لو دخل عليه زائرا أو ضيفا فأقام فيه يوما أو يومين لا يحنث والمساكنة بالاستقرار والدوام وذلك بأهله ومتاعه‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الخانية‏:‏ حلف لا يساكن فلانا فنزل الحالف وهو مسافر منزل فلان فسكنا يوما أو يومين لا يحنث، حتى يقيم معه في منزله خمسة عشر يوما كما لو حلف لا يسكن الكوفة فمر بها مسافرا ونوى إقامة أربعة عشر يوما لا يحنث، وإن نوى إقامة خمسة عشر يوما حنث ا هـ‏.‏ وقد وقعت هذه المسألة في البحر بدون قوله وهو مسافر فأوهم أن مسألة الضيف مقيدة بما دون خمسة عشر يوما مع احتمال أن يفرقوا بينهما والله أعلم‏.‏ ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ هو قول أبي يوسف وعند الإمام يحنث بناء على أن قيام السكنى بالأهل والمتاع بزازية، وفرض المسألة في التتارخانية عن المنتقى فيما إذا سافر المحلوف عليه، وسكن الحالف مع أهله ولا يخفى أن هذه أقرب إلى مظنة الحنث ‏(‏قوله ولو قيد المساكنة بشهر إلخ‏)‏ عبارة البحر لو حلف لا يساكنه شهر كذا فساكنه ساعة فيه حنث لأن المساكنة مما لا يمتد، ولو قال‏:‏ لا أقيم بالرقة شهرا لا يحنث ما لم يقم جميع الشهر، ولو حلف لا يسكن الرقة شهرا فسكن ساعة حنث ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ فقد فرقوا بين لفظ المساكنة ولفظ الإقامة، وعلله الفارسي في باب يمين الأبد والساعة من شرحه على تلخيص الجامع بأن الوقت في غير المقدر بالوقت ظرف لا معيار، والمساكنة والمجالسة ونحوهما غير مقدرة بالوقت لصحتها في جميع الأوقات وإن قلت فيكون الوقت لتقدير المنع الثابت باليمين لا لتقدير الفعل بالوقت، وذكر أن السكنى لم يذكرها محمد في الأصل وإنما اختلف فيها المشايخ فقيل‏:‏ كالمساكنة وقيل‏:‏ يشترط استيعابها الوقت‏.‏ ا هـ‏.‏ ومقتضى هذا أن الإقامة مقدرة بالوقت بمعنى أنها لا تسمى إقامة ما لم تمتد مدة، ويشير إلى هذا ما في التتارخانية وإذا حلف لا يقيم في هذه الدار كان أبو يوسف يقول إذا قام فيها أكثر النهار أو أكثر الليل يحنث ثم رجع وقال إذا أقام فيها ساعة واحدة يحنث وهو قول محمد، وإذا حلف لا يقيم بالرقة شهرا فليس بحانث حتى يقيم بها تمام الشهر ا هـ‏.‏ ومفاده‏:‏ أن الإقامة متى قيدت بالمدة لزم في مفهومها الامتداد، وتقيدت بالمدة المذكورة كلها بخلاف المساكنة، فإنه لا يلزم امتدادها مطلقا لصدقها على القليل والكثير فلا تكون المدة قيدا لها بل قيد للمنع بمعنى أنه منع نفسه عن المساكنة في الشهر، فإذا سكن يوما منه حنث لعدم المنع، هذا غاية ما ظهر لي في هذا المحل وبه ظهر أن قولهم هنا إن المساكنة مما لا يمتد معناه لا يلزم في تحققها الامتداد، بخلاف الإقامة إذا قرنت بالمدة فلا ينافي ما مر في كلام المصنف والشارح تبعا لغيرهما أن المساكنة مما يمتد بخلاف الدخول والخروج لأن معناه أنها يمكن امتدادها وهذا غير المعنى والمراد هنا وقد خفي هذا على الخير الرملي وغيره فادعوا أن ما هنا مناقض لما مر وأن الصواب إسقاط ‏"‏ عدم ‏"‏ من قوله لعدم امتدادها فافهم‏.‏ ثم اعلم أنه في التتارخانية وغيرها ذكر أنه لو قال عنيت المساكنة جميع الشهر صدق ديانة لا قضاء وقيل قضاء أيضا والصحيح الأول‏.‏ قلت‏:‏ وأنت خبير بأن مبنى الأيمان على العرف والعرف الآن فيمن حلف لا يساكن فلانا شهرا أو لا يسكن هذه الدار شهرا أو لا يقيم فيها شهرا أنه يراد جميع المدة في المواضع الثلاث والله سبحانه أعلم‏.‏ ‏(‏قوله وفي خزانة الفتاوى إلخ‏)‏ مخالف لما يأتي في باب اليمين بالضرب من أنه يشترط في الضرب القصد على الأظهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ح‏.‏ قلت‏:‏ ومع هذا لا مناسبة لذكره هنا إلا أن يقال استوضح به قوله في المسألة المارة إن أقام معه حنث علم أو لا

‏(‏قوله من المسجد‏)‏ قيد به تبعا للإمام محمد في الجامع الصغير احترازا عن الدار المسكونة قال في الذخيرة ما نصه قال القدوري‏:‏ الخروج من الدار المسكونة أن يخرج بنفسه ومتاعه وعياله، والخروج من البلدة والقرية أن يخرج ببدنه خاصة زاد في المنتقى إذا خرج ببدنه فقد بر أراد سفرا أو لم يرد ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن قوله زاد في المنتقى إلخ راجع لمسألة الخروج من البلد والقرية، فلا يدل على أنه يكفي أن يخرج ببدنه في مسألة الدار أيضا فليس في ذلك ما يخالف ما في البحر وغيره فافهم، نعم في الظهيرية والخانية‏:‏ لو حلف لا يخرج من هذه الدار فهو على الرحيل منها بأهله إن كان ساكنا فيها إلا إذا دل الدليل على أنه أراد به الخروج ببدنه ‏(‏قوله بأن حمل مكرها‏)‏ أي ولو كان بحال يقدر على الامتناع ولم يمتنع في الصحيح خانية، وفي البزازية تصحيح الحنث في هذه الصورة هذا‏.‏ واعترض في الشرنبلالية ذكر الإكراه هنا بأنه لا يناسب قوله ولو راضيا إذ لا يجامع الإكراه الرضا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الفتح‏:‏ والمراد من الإخراج مكرها هنا أن يحمله ويخرجه كارها لذلك لا الإكراه المعروف هو أن يتوعده حتى يفعل فإنه إذا توعده فخرج بنفسه حنث، لما عرف أن الإكراه لا يعدم الفعل عندنا ا هـ‏.‏ وأقره في البحر‏.‏ واعترض في اليعقوبية التعليل بما قالوا في لا أسكن الدار فقيد ومنع لا يحنث لأن للإكراه تأثيرا في إعدام الفعل‏.‏ وأجبت عنه فيما علقته على البحر بأنه قد يقال إنه يعدم الفعل بحيث لا ينسب إلى فاعله إذا أعدم الاختيار وهنا دخل باختياره فليتأمل‏.‏ وفي القهستاني عن المحيط لو خرج بقدميه للتهديد لم يحنث وقيل حنث‏.‏ ا هـ‏.‏ ومفاده اعتماد عدم الحنث لكن في إكراه الكافي للحاكم الشهيد لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار فأكره بوعيد تلف حتى دخل عتق ولا يضمن المكره قيمة العبد ‏(‏قوله لا يحنث‏)‏ لأن الفعل وهو الخروج لم ينتقل إلى الحالف لعدم الأمر وهو الموجب للنقل فتح ‏(‏قوله في الأصح‏)‏ وقيل يحنث إذا حمله برضاه لا بأمره لأنه لما كان يقدر على الامتناع فلم يفعل صار كالآمر‏.‏ وجه الصحيح أن انتقال الفعل بالأمر لا بمجرد الرضا ولم يوجد الأمر ولا الفعل منه فلا ينسب الفعل إليه، ولو قيل‏:‏ إن الرضا ناقل دفع بفرع اتفاقي وهو ما إذا أمره أن يتلف ماله ففعل لا يضمن المتلف لانتساب الإتلاف إلى المالك بالأمر فلو أتلفه وهو ساكت ينظر لم ينهه ضمن بلا تفصيل لأحد بين كونه راضيا أو لا فتح ‏(‏قوله أقساما‏)‏ من الحمل والإدخال بالأمر أو بغيره مكرها أو راضيا قهستاني ‏(‏قوله وأحكاما‏)‏ من الحنث وعدمه ‏(‏قوله وإذا لم يحنث‏)‏ شرط، جوابه قول المصنف لا تنحل يمينه ط ‏(‏قوله أو بزلق‏)‏ عطف على قوله بلا أمره أي بزلق قدميه وهو بفتحتين مصدر زلق كفرح وفي نسخة ولو بزلق ‏(‏قوله أو بعثر‏)‏ بصيغة المصدر فهو بسكون الثاء المثلثة‏.‏ قال في القاموس‏:‏ عثر كضرب ونصر وعلم وكرم عثرا وعثيرا وعثارا وتعثر كبا‏.‏ ا هـ‏.‏ ط ‏(‏قوله أو جمح دابة‏)‏ في المصباح جمح الفرس براكبه يجمح جماحا بالكسر وجموحا استعصى حتى غلب تأمل ‏(‏قوله على الصحيح‏)‏ راجع إلى جميع المعاطيف ط ‏(‏قوله فتح وغيره‏)‏ عبارة الفتح قال السيد أبو شجاع‏:‏ تنحل وهو أرفق بالناس وقال غيره من المشايخ‏:‏ لا تنحل وهو الصحيح ذكره التمرتاشي وقاضي خان، وذلك لأنه إنما لا يحنث لانقطاع نسبة الفعل إليه، وإذا لم يوجد منه المحلوف عليه كيف تنحل اليمين فبقيت على حالها في الذمة، ويظهر أثر هذا في الخلاف فيما لو دخل بعد هذا الإخراج هل يحنث‏؟‏ فمن قال انحلت قال لا يحنث، وهذا بيان كونه أرفق بالناس، ومن قال لم تنحل قال حنث‏.‏ ووجبت الكفارة وهو الصحيح‏.‏ ا هـ‏.‏ وقوله فيما لو دخل بعد هذا الإخراج يعني ثم خرج بنفسه لأن كلامه فيما لو حلف لا يخرج فأخرج محمولا بدون أمره وإذا لم تنحل اليمين بهذا الإخراج يحنث لو دخل ثم خرج بنفسه لا بمجرد دخوله فافهم ‏(‏قوله لكنه خالف في فتاويه إلخ‏)‏ ذكر الرملي أنه لم يجد ذلك في فتاوى صاحب البحر، بل وجد ما يخالفه‏.‏ قلت‏:‏ ولعل ذلك ساقط من نسخته وإلا فقد وجدته فيها‏.‏

‏(‏قوله قاصدا‏)‏ أي قاصدا الخروج إليها فلو قصد الخروج لغيرها حنث وإن ذهب إليها ‏(‏قوله عند انفصاله من باب داره‏)‏ لأنه بذلك يعد خارجا بها، فلو كان في منزل من داره فخرج إلى صحنها ثم رجع لا يحنث لم يخرج من باب الدار لأنه لا يعد خارجا في جنازة فلان ما دام في داره بحر عن المحيط ‏(‏قوله لأن الشرط إلخ‏)‏ علة لقوله مشى معها أم لا ولما استشهد عليه من عبارة البدائع أيضا‏.‏ وحاصله‏:‏ أن المستثنى هو الخروج على قصد الجنازة والخروج هو الانفصال من داخل إلى خارج، ولا يلزم فيه الوصول إليها ليمشي معها أو يصلي عليها، وأما علة عدم الحنث فيما إذا أتى أمرا آخر بعد خروجه إليها فهي ما أفاده في الفتح من أن ذلك الإتيان ليس بخروج والمحلوف عليه هو الخروج ‏(‏قوله والذهاب‏)‏ كون الذهاب مثل الخروج هو الذي مشى عليه في الكنز وغيره وصححه في الهداية وغيرها‏.‏ قال في الدر المنتقى‏:‏ وقيل كالإتيان فيشترط فيه الوصول وصححه في الخانية والخلاصة قال الباقاني‏:‏ والمعتمد الأول نعم لو نوى بالذهاب الإتيان أو الخروج فكما نوى‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والإرسال والبعث كالخروج أيضا فإنه لا يشترط فيهما الوصول‏.‏ ففي الذخيرة‏:‏ لو قال إن لم أرسل إليك أو إن لم أبعث إليك هذا الشهر نفقتك فأنت كذا فضاعت من يد الرسول لا يحنث ‏(‏قوله والرواح‏)‏ هو بحث للبحر كما يأتي ويظهر لي أن العرف فيه استعماله مرادا به الوصول ولا يخفى أن النية تكفي أيضا ‏(‏قوله والعيادة والزيارة‏)‏ تابع في ذلك صاحب البحر حيث قال وقيد بالإتيان لأن العيادة والزيارة لا يشترط فيهما الوصول ولذا قال في الذخيرة‏:‏ إذا حلف ليعودن فلانا وليزورنه فأتى بابه فلم يؤذن له فرجع ولم يصل إليه لا يحنث وإن أتى بابه ولم يستأذن حنث‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومقتضاه أن الإتيان يشترط فيه الاجتماع وليس كذلك لما في الذخيرة‏:‏ ولو حلف لا يأتي فلانا فهو على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لم يلقه وإن أتى مسجده لم يحنث رواه إبراهيم عن محمد ا هـ‏.‏ فقد علم أن العيادة والزيارة مثل الإتيان في اشتراط الوصول إلى المنزل دون صاحبه بل يشترط في العيادة والزيارة الاستئذان فهما أقوى من الإتيان في اشتراط الوصول، فلا يصح إلحاقهما بالخروج والذهاب والحمد لله ملهم الصواب ‏(‏قوله إلا في الإتيان‏)‏ صوابه إلا في الإتيان والعيادة والزيارة كما علمت من اشتراط الوصول في الثلاثة ومثله الصعود‏.‏ ففي الذخيرة قال لامرأته‏:‏ إن صعدت هذا السطح فأنت كذا فارتقت مرقاتين أو ثلاثة فقيل يجب أن يكون فيه الخلاف المار في الذهاب‏.‏ وقال أبو الليث وعندي لا يحنث هنا بالاتفاق ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وصحح في الخانية ولعل وجهه أن صعود السطح الاستعلاء عليه فلا بد من الوصول، نعم لو قال‏:‏ إن صعدت إلى السطح ينبغي أن يجري فيه الخلاف المار تأمل، وفي الذخيرة عن المنتقى لزم رجلا فحلف الملتزم ليأتينه غدا فأتى في الموضع الذي لزمه فيه لا يبر حتى يأتي منزله، ولو لزمه في منزله فتحول إلى غيره لا يبر حتى يأتي المنزل الذي تحول إليه ولو قال إن لم آتك غدا في موضع كذا فأتاه فلم يجده فقد بر بخلاف إن لم أوافك لأنه على أن يجتمعا

‏(‏قوله فلو حلف إلخ‏)‏ تفريع على قوله لأن الشرط في الخروج والذهاب إلخ ط ‏(‏قوله بحر بحثا‏)‏ يؤيده العرف وكذا ما في المصباح حيث قال‏:‏ وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار، وليس كذلك بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار قاله الأزهري وغيره وعليه قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا» أي من ذهب‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله ثم رجع عنها‏)‏ وكذا لو لم يرجع بالأولى فهو غير قيد ولذا قال في الفتح رجع عنها أو لم يرجع‏.‏

مطلب حلف لا يخرج إلى مكة ونحوها

‏(‏قوله قصد غيرها أم لا‏)‏ أي لأن الحنث تحقق بمجرد الخروج على قصدها، فلا فرق حينئذ بعدما خرج بين أن يقصد الذهاب إلى غيرها أو لا ‏(‏قوله فتح بحثا‏)‏ حيث قال‏:‏ وقد قالوا إنما يحنث إذا جاوز عمرانه على قصدها كأنه ضمن لفظا آخر معنى أسافر للعلم بأن المضي إليها سفر لكن على هذا لو لم يكن بينه وبينها مدة سفر ينبغي أن يحنث بمجرد انفصاله من الداخل‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده قوله في الذخيرة لأن الخروج إلى مكة سفر والإنسان لا يعد مسافرا إذا لم يتجاوز عمران مصره ا هـ‏.‏ أي بخلاف الخروج إلى الجنازة لكن لما كانت الجنازة في المصر اعتبر في الخروج انفصاله من باب داره وإن كانت المقبرة خارج المصر لأنه لم يحلف على الخروج إلى المقبرة، أما لو حلف على ذلك أو على الخروج إلى القرية مثلا مما يلزم منه الخروج من المصر فالظاهر أنه يلزم مجاوزة العمران وإن لم يقصد مدة سفر‏.‏ وفي البحر عن البدائع قال عمر بن أسد‏:‏ سألت محمدا عن رجل حلف ليخرجن من الرقة ما الخروج‏؟‏ قال، إذا جعل البيوت خلف ظهره لأن من حصل في هذه المواضع جاز له القصر‏.‏ ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ فالحاصل أن الخروج إذا كان من البلد فلا يحنث حتى يجاوز عمران مصره سواء كان إلى مقصده مدة سفر أو لا وإن لم يكن خروجا من البلد فلا يشترط مجاوزة العمران ا هـ‏.‏ وهذا مخالف لما بحثه في الفتح فليتأمل ‏(‏قوله وفيه إلخ‏)‏ لم أجد ذلك في الفتح بل هو في البحر وغيره ‏(‏قوله مع فلان العام‏)‏ الذي في البحر وغيره العام أي هذه السنة فهو ظرف زمان معرف بأل التي للحضور ‏(‏قوله بر‏)‏ فإذا بدا له أن يرجع رجع بلا ضرر بحر‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أنه لا بد من أن يكون خروجه على قصد السفر لا على قصد الرجوع ولذا قال‏:‏ فإذا بدا له إلخ ويدل عليه قوله في الخانية فإذا خرج معه فجاوز البيوت ووجب عليه قصر الصلاة فقد بر إذ لا يخفى أن وجوب القصر لا يكون إلا عند قصد السفر وكذا قول المصنف وغيره فخرج يريدها‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

يعلم مما قررناه جواب ما يقع كثيرا فيمن حلف ليسافرن فإنه يبر بمجاوزته العمران على قصد السفر إلى مكان بينه وبينه مدة السفر، فإذا بدا له الرجوع رجع بلا ضرر وبه أفتى المصنف وغيره، لكن لا بد من قصد السفر كما قلنا لا مجرد الخروج على قصد الرجوع لأنه لا يتحقق به السفر، والله أعلم‏.‏ ‏(‏قوله فخرج مع جنازة‏)‏ أي خرج من بغداد مع الجنازة بأن جاوز العمران قال ط‏:‏ لكن العرف بخلافه فإن من حلف لا يخرج من مصر فزار الإمام لا يعد خارجا منها في عرفنا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن إذا قامت قرينة على إرادة الخروج مطلقا لسفر أو غيره يعد خارجا ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي قريبا في قوله إلا في الإتيان ‏(‏قوله والفرق لا يخفى‏)‏ هو أن الخروج الانفصال من الداخل إلى الخارج وأما الإتيان فعبارة عن الوصول قال تعالى‏:‏ ‏{‏فأتيا فرعون فقولا‏}‏ ‏(‏قوله فذهبت قبل العرس‏)‏ أي بحيث لا تعد عرفا أنها أتت العرس بأن كان ذلك قبل الشروع في مباديه وفي البزازية لا يذهب إلى وليمة فذهب لطلب غريمه لا يحنث ا هـ‏.‏ أي إذا كان الغريم في الوليمة وذكر في الذخيرة أنه أفتى بذلك شيخ الإسلام الإسبيجابي‏.‏

‏(‏قوله فهو أن يأتي منزله أو حانوته‏)‏ فلو أتى مسجده لا يكفي فالشرط الوصول إلى محله لا الاجتماع كما قدمناه ‏(‏قوله حتى مات أحدهما‏)‏ قدر لفظ أحدهما لأن الحنث لا يختص بموت الحالف فقط، بل المحلوف عليه مثله كما يأتي ‏(‏قوله حنث في آخر حياته‏)‏ أي حياة أحدهما، فلو كانت يمينه بالطلاق فماتت المرأة تبقى اليمين لامكان الإتيان بعد موتها، نعم لو كان الشرط طلاقها مثل إن لم أطلقك فأنت طالق ثلاثا يحنث بموتها أيضا لتحقق اليأس عن الشرط بموتها إذ لا يمكن طلاقها بعده بخلاف الإتيان ونحوه كما قدمناه في الطلاق الصريح عن الفتح، وكلام الفتح هنا موهم خلاف المراد فتنبه ‏(‏قوله وكذا كل يمين مطلقة‏)‏ أي لا خصوصية للإتيان، بل كل فعل حلف أن يفعله في المستقبل وأطلقه ولم يقيده بوقت لم يحنث حتى يقع اليأس عن البر مثل ليضربن زيدا أو ليعطين فلانة أو ليطلقن زوجته وتحقق اليأس عن البر يكون بفوت أحدهما ولذا قال في غاية البيان‏:‏ وأصل هذا الحالف في اليمين المطلقة لا يحنث ما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين لتصور البر فإذا فات أحدهما فإنه يحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ بحر قال ح وهذا إذا كانت على الإثبات فإن كانت على النفي لا يحنث في آخر حياته ويمكن حنثه حالا كما لا يخفى ‏(‏قوله أما المؤقتة فيعتبر آخرها‏)‏ أي آخر وقتها وفي بعض النسخ آخره أي آخر الوقت المعلوم من المقام أي فإذا مضى الوقت ولم يفعل حنث ‏(‏قوله فلا حنث‏)‏ لتعلق الحنث بآخر الوقت ولم يوجد في حقه ‏(‏قوله لبطلان يمينه بالله تعالى‏)‏ أشار به إلى أن يمينه لو كانت بالطلاق مثلا لا تبطل بالردة لأن الكفر لا ينافي التعليق بغير القرب ابتداء فكذا بقاء‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي أول الأيمان ‏(‏قوله فتدبر‏.‏‏)‏ أمر بالتدبر إشارة إلى خفاء إفادة ذلك من قوله حنث ووجهها أن حنثه في آخر حياته يدل على بقاء اليمين صحيحة قبل الموت، إذ الباطلة لا حنث فيها والحكم باللحاق مرتدا وإن كان موتا حكما لكنه غير مراد هنا لبطلان اليمين بمجرد الرد قبل الحكم باللحاق الذي هو في حكم الموت فحيث بطلت اليمين قبل الموت علم أن مراده بقوله حتى مات الموت الحقيقي إذ لا يتصور الحنث بالموت الحكمي فافهم‏.‏

مطلب حلف ليأتينه إن استطاع

‏(‏قوله فهي استطاعة الصحة‏)‏ أي الاستطاعة المعلومة من استطاع هي سلامة آلات الفعل المحلوف عليه وصحة أسبابه كما في الفتح، والمراد بالآلات الجوارح فالمريض ليس بمستطيع وصحة الأسباب تهيئة لإرادة الفعل على وجه الاختيار، فخرج الممنوع نهر أي من منعه سلطان ونحوه ‏(‏قوله لأنه المتعارف‏)‏ أي المعنى المذكور هو المعروف عند الإطلاق كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏من استطاع إليه سبيلا‏}‏ بخلاف المعنى الآتي في المتن ‏(‏قوله فتقع على رفع الموانع‏)‏ يشمل المانع المعنوي كالمرض والحسي كالقيد ونحوه فيستغنى بذلك عن ذكر سلامة الآلات، ولهذا فسرها محمد بقوله إذا لم يمرض ولم يمنعه السلطان ولم يجئ أمر لا يقدر على إتيانه فلم يأته حنث‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بحر بحثا‏)‏ حيث قال‏:‏ فينبغي أنه إذا نسي اليمين لا يحنث لأن النسيان مانع وكذا لو جن فلم يأته حتى مضى الغد كما لا يخفى ‏(‏قوله المقارنة للفعل‏)‏ أي التي تخلق معه بلا تأثير لها فيه لأن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى فتح ‏(‏قوله صدق ديانة‏)‏ فإذا لم يأته لعذر أو لغيره لا يحنث كأنه قال لآتينك إن خلق الله تعالى إتياني وهو إذا لم يأت لم يخلق إتيانه ولا استطاعته المقارنة وإلا لأتى فتح‏.‏ ‏(‏قوله لأنه خلاف الظاهر‏)‏ قال في الفتح‏:‏ وقيل يصدق ديانة وقضاء لأنه نوى حقيقة كلامه لأن اسم الاستطاعة يطلق بالاشتراك على كل من المعنيين والأول أوجه لأنه وإن كان مشتركا بينهما لكن تعورف استعماله عند الإطلاق عن القرينة لأحد المعنيين بخصوصه فصار ظاهرا فيه بخصوصه فلا يصدقه القاضي بخلاف الظاهر‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقد أظهر الزاهدي اعتزاله هنا‏)‏ وتقدم نظير ذلك في باب الحج عن الغير حيث قال‏:‏ إن مذهب أهل العدل والتوحيد أنه ليس لإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره، وأراد بهم أهل الاعتزال كما مر بيانه، وعبارته هنا وفي قوله أي صاحب الهداية حقيقة الاستطاعة فيما يقارن الفعل نظر قوي لأنه بناه على مذهب الأشعرية والسنية أن القدرة تقارن الفعل وأنه باطل، إذ لو كان كذلك لما كان فرعون وهامان وسائر الكفرة الذين ماتوا على الكفر قادرين على الإيمان وكان تكليفهم بالإيمان تكليفا بما لا يطاق وكان إرسال الرسل والأنبياء وإنزال الكتب والأوامر والنواهي والوعد والوعيد ضائعة في حقهم ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وهو غلط لأن التكليف ليس مشروطا بهذه القدرة حتى يلزم ما ذكره، وإنما هو مشروط بالقدرة الظاهرة وهي سلامة الآلات وصحة الأسباب كما عرف في الأصول‏.‏

مطلب لا تخرجي إلا بإذني

‏(‏قوله شرط للبر لكل خروج إذن‏)‏ للبر متعلق بشرط، ولكل متعلق بنائب الفاعل وهو إذن لا بشرط لئلا يلزم تعدية فعل بحرفين متفقي اللفظ والمعنى أفاده القهستاني، ثم لا يخفى أن اشتراط الإذن راجع لقوله إلا بإذني أما ما بعده فيشترط فيه الأمر أو العلم أو الرضا، وإنما شرط تكراره لأن المستثنى خروج مقرون بالإذن فما وراءه داخل في المنع العام لأن المعنى لا تخرجي خروجا إلا خروجا ملصقا بإذني، قال في النهر‏:‏ ويشترط في إذنه لها أن تسمعه وإلا لم يكن إذنا وأن تفهمه، فلو أذن لها بالعربية ولا عهد لها بها فخرجت حنثت، وأن لا تقوم قرينة على أنه لم يرد الإذن فلو قال لها اخرجي أما والله لو خرجت ليخزينك الله لا يكون إذنا صرح به محمد، وكذا لو قال لها في غضب اخرجي ينوي التهديد لم يكن إذنا إذ المعنى حينئذ اخرجي حتى تطلقي ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وفي البزازية‏:‏ قامت للخروج فقال دعوها تخرج ولا نية له لم يكن إذنا، ولو سمع سائلا فقال لها أعطيه لقمة فإن لم تقدر على إعطائه بلا خروج كان إذنا بالخروج وإلا فلا، وإن قال اشتر اللحم فهو إذن، ولو أذن لها بالخروج إلى بعض أقاربه فخرجت لكنس الباب أو خرجت في وقت آخر حنث، ولو استأذنت في زيارة الأم فخرجت إلى بيت الأخ لا يحنث لوجود الإذن بالخروج، إلا إن قال إن خرجت إلى أحد إلا بإذني وفي لا تخرجي إلا برضاي فإذن ولم تسمع أو سمعت ولم تفهم لا يحنث بالخروج لأن الرضا يتحقق بلا علمها بخلاف الإذن، وفي إلا بأمري فالأمر أن يسمعها بنفسه أو رسوله وفي الإرادة والهوى والرضا لا يشترط سماعها، وفي إلا بعلمي لا يحنث لو خرجت وهو يراها أو أذن لها بالخروج فخرجت بعده بلا علمه ا هـ‏.‏ ملخصا، وتمام فروع المسألة هناك‏.‏ قال في البحر‏:‏ ولا فرق في المسألة بين أن يكون المخاطب الزوجة أو العبد بخلاف ما لو قال‏:‏ لا أكلم فلانا إلا بإذن فلان أو حتى يأذن أو إلا أن يأذن، أو إلا أن يقدم فلان أو حتى يقدم، أو قال لرجل في داره والله لا تخرج إلا بإذني فإنه لا يتكرر الإذن في هذا كله لأن قدوم فلان لا يتكرر عادة والإذن في الكلام يتناول كل ما يوجد من الكلام بعد الإذن، وكذا خروج الرجل مما لا يتكرر عادة، بخلاف الإذن للزوجة فإنه لا يتناول إلا ذلك الخروج المأذون فيه لا كل خروج إلا بنص صريح فيه مثل أذنت لك أن تخرجي كلما أردت الخروج كذا في الفتح‏.‏ ا هـ‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

في النهر عن المحيط لو قال إلا بإذن فلان فمات المحلوف عليه بطلت اليمين عندهما خلافا لأبي يوسف ا هـ‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ حلف لا يشرب بغير إذن فلان فناوله فلان بيده ولم يأذن باللسان وشرب ينبغي أن يحنث لأنه ليس بإذن بل هو دليل الرضا ‏(‏قوله أو فرقة‏)‏ قال في الفتح‏:‏ ثم انعقاد اليمين على الإذن في قوله إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق، والله لا تخرجي إلا بإذني مقيد ببقاء النكاح لأن الإذن إنما يصح لمن له المنع وهو مثل السلطان إذا حلف إنسانا ليرفعن إليه خبر كل داعر في المدينة كان على مدة ولايته فلو أبانها ثم تزوجها فخرجت بلا إذن لا تطلق وإن كان زوال الملك لا يبطل اليمين عندنا لأنها لم تنعقد إلا على بقاء النكاح ا هـ‏.‏ فلو لم يقيد بالإذن لم يتقيد بقيام النكاح كما سيذكره الشارح عن الزيلعي في أواخر الأيمان مع عدة مسائل من هذا الجنس، وهو كون اليمين المطلقة تصير مقيدة بدلالة الحال، بقي لو خرجت في عدة البائن هل يحنث‏؟‏ يظهر لي عدمه لأنها وإن كانت ممنوعة لكن مانعها الشرع لا الزوج تأمل‏.‏ ‏(‏قوله دين‏)‏ أي ولا يصدق في القضاء وعليه الفتوى خانية أي لأنه خلاف الظاهر وإنما دين لأنه محتمل كلامه لأن الإذن مرة موجب الغاية في قوله حتى آذن وبين الاستثناء والغاية مناسبة من حيث إن ما بعدهما مخالف لما قبلهما فيستعار إلا بإذني لمعنى حتى آذن فتح ‏(‏قوله وتنحل يمينه إلخ‏)‏ أي لو خرجت بغير إذن ووقع الطلاق ثم خرجت مرة ثانية بلا إذن لا يقع شيء لانحلال اليمين بوجود الشرط وليس فيها ما يدل على التكرار بحر عن الظهيرية ‏(‏قوله ولو نهاها بعد ذلك صح‏)‏ أي بعد قوله كلما خرجت إلخ قال في الخانية وبه أخذ الشيخ الإمام ابن الفضل، حتى لو خرجت بعد ذلك حنث ولو أذن لها بالخروج ثم قال لها كلما نهيتك فقد أذنت لك فنهاها لا يصح نهيه‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وفي الصيرفية إلخ‏)‏ هذه مسألة استطرادية وذكر في الذخيرة عبارة فارسية وقال بعدها ثم إن الزوج ذهب إلى سمرقند وبعث إليها أصحاب السلطان حتى أخرجوها على كره منها وذهبوا بها إلى زوجها بسمرقند بأمر الزوج هل يحنث في يمينه‏؟‏ فقيل‏:‏ ينبغي أن يحنث على ظاهر جواب الكتاب أن للزوج نقلها من بلدة إلى بلدة أخرى بعدما أوفى المعجل لأنه صح الأمر بالإخراج من الزوج وانتقل فعل المخرج إليه فكأن الزوج أخرجها بنفسه، أما على اختيار أبي الليث أنه ليس له نقلها لم يصح الأمر ولم ينتقل فعل المخرج إليه فلا يحنث ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله بخلاف قوله إلخ‏)‏ مرتبط بما تقدم في المتن أي لو قال لا تخرجي إلا أن آذن أو حتى آذن لك، فإنه يكفي الإذن مرة واحدة لأنه للغاية، أما حتى فظاهر، وأما إلا أن فتجوز بإلا عنها لتعزر استثناء الإذن من الخروج، وتمامه في الفتح والبحر‏.‏ قال في البحر‏:‏ وأشار إلى أنه لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار إلا إن نسي فدخلها ناسيا ثم دخل ذاكرا لم يحنث بخلاف قوله إلا ناسيا لأنه استثنى من كل دخول دخولا بصفة فبقي ما سواه داخلا تحت اليمين، أما الأول فإنه بمعنى حتى فلما دخلها ناسيا انتهت اليمين‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله صدق‏)‏ أي قضاء لأنه محتمل كلامه وفيه تشديد على نفسه بحر‏.‏

مطلب لا يدخل دار فلان يراد به نسبة السكنى

‏(‏قوله ولو تبعا‏)‏ حتى لو حلف لا يدخل دار أمه أو بنته وهي تسكن مع زوجها حنث بالدخول نهر عن الخانية‏.‏ قلت‏:‏ وهو خلاف ما سيذكره آخر الأيمان عن الواقعات لكن ذكر في التتارخانية أن فيه اختلاف الرواية ويظهر لي أرجحية ما هنا حيث كان المعتبر نسبة السكنى عرفا ولا يخفى أن بيت المرأة في العرف ما تسكنه تبعا لزوجها وانظر ما سنذكره آخر الأيمان ‏(‏قوله أو بإعارة‏)‏ أي لا فرق بين كون السكنى بالملك أو بالإجارة أو العارية إلا إذا استعارها ليتخذ فيها وليمة فيدخلها الحالف فإنه لا يحنث كما في العمدة والوجه فيه ظاهر نهر أي لأنها ليست مسكنا له ‏(‏قوله باعتبار عموم المجاز إلخ‏)‏ مرتبط بقوله يراد يعني أن الأصل في دار زيد أن يراد بها نسبة الملك، وقد أريد بها ما يشمل العارية ونحوها وفيه جمع بين الحقيقة والمجاز وهو لا يجوز عندنا‏.‏ فأجاب بأنه من عموم المجاز بأن يراد به معنى عام يكون المعنى الحقيقي فردا من أفراده وهو نسبة السكنى‏:‏ أي ما يسكنها زيد بملك أو عارية، لكن بقي ما إذا دخل دارا مملوكة لزيد وساكنها غيره فحلف رجل لا يدخل دار زيد، فمقتضى كون المعتبر نسبة السكنى أن لا يحنث وفي المجتبى عن الإيضاح أن فيه عن محمد روايتين، وقيل‏:‏ إذا كان لزيد دار غيرها يسكنها لم يحنث وإلا فيحنث‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وجزم في الخانية بالحنث ولم يفصل وهو مرجح لإحدى الروايتين، وعليه فكان على المصنف أن يقول يراد به نسبة السكنى أو الملك، لكن مشى في المحيط على عدم الحنث‏.‏ ففي النهر‏:‏ اعلم أنه إذا حلف لا يدخل دار زيد فداره مطلقا دار يسكنها، فلو دخل دار غلته لم يحنث كما في المحيط وعليه تفرع ما في المجتبى إن دخلت دار زيد فعبدي حر وإن دخلت دار عمرو فامرأته طالق فدخل دار زيد وهي في يد عمرو بإجارة لم يعتق، وتطلق، فإن نوى شيئا صدق ا هـ‏.‏‏:‏ قلت‏:‏ لكن الذي رأيته في المجتبى وكذا في البحر نقلا عنه يعتق وتطلق وعليه فهو متفرع على ما في الخانية لا على ما في المحيط‏.‏ وفي الخانية أيضا لا يدخل دار فلان فآجرها فلان، فدخلها الحالف فيه روايتان قالوا عدم الحنث قول أبي حنيفة وأبي يوسف لأن الإضافة عندهما كما تبطل بالبيع تبطل بالإجارة والتسليم وملك اليد للغير ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ هذا يفيد أن ما جزم به في الخانية أولا قولهما وإحدى الروايتين عن محمد ويفيد أيضا أنها إذا بقيت بيد المالك غير مسكونة لأحد تبقى النسبة له فيحنث الحالف بدخولها ولو كان المالك ساكنا في غيرها تأمل‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

في الخانية أيضا حلف لا يدخل دار زيد ثم حلف لا يدخل دار عمرو فباعها زيد من عمرو وسلمها إليه فدخلها الحالف حنث في اليمين الثانية عنده لأن عنده المستحدث بعد اليمين يدخل فيها لو مات مالك الدار فدخل لا يحنث لانتقالها للورثة، ولو كان عليه دين مستغرق قال محمد بن سلمة‏:‏ يحنث وقال أبو الليث‏:‏ لا وعليه الفتوى لأنها وإن لم يملكها الورثة وبقيت على حكم ملك الميت لم تكن مملوكة له من كل وجه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

مطلب لا يضع قدمه في دار فلان

‏(‏قوله ولو حافيا‏)‏ الأولى أن يقول ولو منتعلا لأنه مع النعل لم تمس قدمه الأرض فيشمل الحافي بالأولى ‏(‏قوله متعذرة‏)‏ نحو والله لا آكل من هذه النخلة كما يأتي أول الباب الآتي ‏(‏قوله أو مهجورة‏)‏ كما في مثالنا ‏(‏قوله ووضع قدميه‏)‏ أي بحيث يكون جسده خارج الدار درر ‏(‏قوله لم يحنث‏)‏ هو ظاهر الرواية كما في الفتح شرنبلالية قال في الذخيرة‏:‏ ومتى صار اللفظ مجازا عن غيره لا يعتبر اللفظ بحقيقته، وينصرف إلى المجاز كما في وضع القدم إلا لدليل يدل على عدم إرادة المجاز، فتعتبر الحقيقة فإذا قال لامرأته إن ارتقيت هذا السلم أو وضعت رجلك عليه فأنت كذا فوضعت رجلها عليه ولم ترتق حنث لأن العطف دل على أنه أراد به الحقيقة ثم قال‏:‏ وفي المنتقى لأضربنك بالسياط حتى أقتلك فهذا على الضرب الوجيع، ولو قال‏:‏ لأضربنك بالسيف حتى تموتي فذا على الموت عرف مراده من تقيده بالسيف ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا لا ينافي قولهم الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض لأن المراد الألفاظ التي لم تهجر كما قدمناه أول الباب‏.‏

‏(‏قوله لمريد الخروج والضرب‏)‏ أي لشخص أراد الخروج أو أراد الضرب، وهو متعلق بقول المصنف في قوله أي قول الحالف، وقوله فعله فورا نائب فاعل شرط وضميره للمذكور من الخروج والضرب‏.‏

مطلب في يمين الفور

‏(‏قوله فورا‏)‏ سئل السغدي بماذا يقدر الفور‏؟‏ قال بساعة، واستدل بما ذكر في الجامع الصغير‏:‏ أرادت أن تخرج فقال الزوج إن خرجت فعادت وجلست وخرجت بعد ساعة لا يحنث حموي عن البرجندي، ولا يشترط لعدم حنثه إذا خرجت بعد ساعة تغير تلك الهيئة الحاصلة مع إرادة الخروج، يشير إليه قول الفتح تهيأت للخروج، فحلف لا تخرج فإذا جلست ساعة ثم خرجت لا يحنث لأن قصده منعها من الخروج الذي تهيأت له فكأنه قال إن خرجت الساعة، وهذا إذا لم يكن له نية فإن نوى شيئا عمل به شرنبلالية‏.‏ قلت‏:‏ وهو مفاد عبارة الجامع الصغير أيضا، لكن في البحر عن المحيط إن لم تقومي الساعة وتجيئي إلى الدار فأنت كذا فقامت الساعة ولبست الثياب وخرجت ثم رجعت وجلست حتى خرج الزوج فخرجت وأتت الدار بعده لا يحنث لأن رجوعها وجلوسها ما دامت في تهيؤ الخروج لا يكون تركا للفور كما لو أخذها البول فبالت قبل لبس الثياب ا هـ‏.‏ ملخصا إلا أن يفرق بين الإثبات والنفي فإن المحلوف عليه في الأول عدم الخروج وهو ترك فيتحقق بتحقق ضده وهو الجلوس على وجه الإعراض فإنها إنما جلست للإعراض عن الخرجة المحلوف عليها فيتحقق عدم الخروج سواء تغيرت الهيئة أو لا والمحلوف عليه في الثاني المجيء المثبت، وهو لا يتحقق إلا بفعله والفاعل إذا تهيأ للفعل وجلس منتظرا له عازما عليه لا يكون معرضا عنه بل هو فاعل حكما لكن لا بد من بقاء تلك الهيئة هنا ليعلم بها أن الجلوس ليس على وجه الإعراض لأن الجلوس ضد الفعل المراد ظاهرا هذا ما ظهر لي فتدبر‏.‏ه ‏(‏قوله وهذه تسمى يمين الفور إلخ‏)‏ من فارت القدر غلت استعير للسرعة أو من فوران الغضب انفرد الإمام بإظهارها، وكانت اليمين أولا قسمين‏:‏ مؤبدة أي مطلقة ومؤقتة، وهذه مؤبدة لفظا مؤقتة معنى تتقيد بالحال، إما بأن تكون بناء على أمر حالي كما مثل أو أن تقع جوابا بالكلام يتعلق بالحال كما في إن تغديت أفاده في النهر ‏(‏قوله ولم يخالفه أحد‏)‏ كذا في البحر عن المحيط لكن نقل في الفتح عن زفر والشافعي الحنث بها اعتبارا للإطلاق اللفظي‏.‏

‏(‏قوله تغديه معه‏)‏ نائب فاعل شرط فلو خرج إلى منزله فتغدى لم يحنث لأن جوابه خرج مخرج الجواب فينطبق على السؤال فينصرف إلى الغداء المدعو إليه كذا في الهداية ‏(‏قوله ذلك الطعام المدعو إليه‏)‏ كذا في الإيضاح لابن كمال معزيا إلى الهداية، والذي في الهداية هو ما سمعته، وهو محتمل أن يكون المراد به الفعل أي التغدي وأن يكون المراد به الطعام الذي هو حقيقة الغداء بالدال المهملة والظاهر الأول، وأن قول الهداية فينصرف إلى الغداء إلخ على حذف مضاف أي إلى أكل الغداء أو أنه أطلق الغداء على التغدي تساهلا بدليل قوله في الباب الآتي الغداء الأكل من طلوع الفجر إلى الظهر قال في الفتح هناك وهذا تساهل معروف المعنى فلا يعترض به ا هـ‏.‏ ويلزم على ما فهمه ابن كمال أنه لو أكل ذلك الطعام في بيته وحده يحنث، وليس كذلك لأن المحلوف عليه هو التغدي مع الطالب لأنه هو المدعو إليه وليس في كلام الطالب ولا في كلام الحالف تعيين طعام، بل لو دعاه إلى الغداء معه قبل حضور طعام أصلا فالظاهر أن الحكم كذلك بدليل تعليلهم بأن الجواب ينطبق على السؤال‏.‏ نعم لو قال الطالب تغد معي هذا الطعام تقيد به أما بدون ذلك فلا‏.‏ والذي يظهر لي أن هذا الفهم الذي فهمه ابن كمال غير صحيح، ولم أر من سبقه إليه وإن عول الشارح عليه تأمل ‏(‏قوله اليوم أو معك‏)‏ مفعول ضم أي بأن قال إن تغديت اليوم أو قال إن تغديت معك حنث بمطلق التغدي‏.‏ واعترض ح قوله‏:‏ أو معك بأنه لم يزد على السؤال لأن السؤال فيه لفظة مع فالصواب أن يقول تغد عندي كما قال في الكنز ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن في الذخيرة قال له تغد معي فقال‏:‏ والله لا أتغدى فذهب إلى بيته وتغدى مع أهله لا يحنث‏.‏ ووجه ذلك أن يمينه عقدت على غداء معين، وهو الذي دعاه إليه لأن قوله والله لا أتغدى خرج جوابا لسؤال المخاطب وأمكن جعله جوابا لأنه لم يزد على حرف الجواب، فيجعل جوابا والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال والسؤال وقع على غداء بعينه بدلالة قوله‏:‏ تغد معي أي هذا الغداء، فيجعل ذلك كالمصرح به في السؤال كأنه قال تغد معي هذا الغداء والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال، بخلاف ما لو قال والله لا أتغدى معك لأنه زاد على حرف الجواب، ومع الزيادة عليه لا يمكن أن يجعل جوابا فجعل ابتداء ولا قيد فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في التتارخانية عن السراجية، فعلم أن قوله إن تغديت معك زيادة على الجواب وإن كان لفظ مع مذكور في كلام الطالب للاستغناء عنه ولعمومه المدعو إليه وغيره أي التغدي معه في ذلك اليوم وغيره، لكن لا يخلو عن نظر فالظاهر ما قاله ح فتدبر‏.‏ ثم في هذه العبارة إطلاق الغداء على التغدي كما وقع في عبارة الهداية تساهلا ‏(‏قوله حنث بمطلق التغدي‏)‏ الإطلاق بالنظر لليوم معناه سواء تغدى معه أو في بيته مثلا في ذلك اليوم وبالنظر إلى قوله معي تغديه معه ولو في غير هذا الوقت، ولا يحنث إن تغدى مع غيره ولو في الوقت الذي حلف فيه ط‏.‏ ‏(‏قوله فجعل مبتدئا‏)‏ لكن لو نوى الجواب دون الابتداء صدق ديانة لأن احتمال كونه جوابا قائم لا قضاء لمخالفته الظاهر فيما فيه تخفيف عليه، ولو قال إن تغديت ونوى ما بين الفور والأبد كاليوم أو الغد لم يصدق أصلا لأن النية إنما تعمل في الملفوظ والحال لا تدل عليه فانتفى دلالة الحال، ودلالة المقال كما لو حلف لا يتزوج النساء ونوى عددا أو لا يأكل طعاما ونوى لقمة أو لقمتين لم يصح كذا في شرحه تلخيص الجامع ‏(‏قوله إن للتراخي إلخ‏)‏ احترز بها عن إذا فإنها للفور ففي الخانية إذا فعلت كذا فلم أفعل كذا قال أبو حنيفة إذا لم يفعل على أثر الفعل المحلوف عليه حنث، ولو قال إن فعلت كذا فلم أفعل كذا فهو على الأبد وقال أبو يوسف على الفور أيضا ا هـ‏.‏ ومعنى كون إن للتراخي أنها تكون للتراخي وغيره عند عدم قرينة الفور، والمراد فعل الشرط الذي دخلت عليه، وما رتب عليه فإذا قال لها إن خرجت فكذا وخرجت فورا أو بعد يوم مثلا حنث إلا لقرينة الفور، فيتقيد به كما مر ومنه ما مثل به وكذا ما في الخانية إن دخلت دارك فلم أجلس فهو على الفور ا هـ‏.‏ أي الجلوس على فور الدخول، وفيها أيضا إن بعثت إليك فلم تأتني فعبدي حر، فبعث إليه فأتاه ثم بعث إليه ثانيا فلم يأته حنث ولا يبطل اليمين بالبر حتى يحنث مرة فحينئذ يبطل اليمين‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب إن ضربتني ولم أضربك

وفي الذخيرة إن ضربتني ولم أضربك فهذا على الماضي عندنا كأنه قال ولم أكن ضربتك قبل ضربك إياي وإن نوى بعد صح أي إن ضربتني ابتداء ولم أضربك بعده، ويكون على الفور‏.‏ والحاصل‏:‏ أن كلمة ولم تقع على الأبد كإن أتيتني ولم آتك إن زرتني ولم أزرك وقد تقع على الفور والمعتبر في ذلك معاني كلام الناس وكذلك تقع على قبل وعلى بعد كما مر وفي إن كلمتني ولم أجبك على بعد لأن الجواب لا يتقدم، وعلى الفور أيضا باعتبار العادة ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله حنث‏)‏ قال في الاختيار لأن مقصوده الدخول لقضاء الشهوة وقد فات فصار شرط الحنث عدم الدخول لقضاء الشهوة وقد وجد‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وفي البحر عن المحيط‏)‏ عبارته إذا قال لامرأته إذا لم تجيئي إلى الفراش هذه الساعة فأنت طالق وهما في التشاجر فطال بينهما كان على الفور حتى لو ذهبت إلى الفراش لا يحنث ا هـ‏.‏ وظاهره ولو كان بعد سكون شهوته فيقيد به ما قبله لكنه خلاف ما يفهم مما نقلناه عن الاختيار فينبغي تقيد هذا بما إذا لم تسكن شهوته فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وكذا إلخ‏)‏ وكذا لو أخذها البول فبالت كما قدمناه وقيل الصلاة تقطع الفور لأنها عمل آخر والفتوى على الأول كما في البحر ‏(‏قوله واشتغلت بالصلاة المكتوبة‏)‏ أي إذا خافت فوتها كما يعلم مما قبله، وهذا تكرار إلا أن يحمل على ما إذا كان الحلف وهي تصلي تأمل‏.‏ قال في البحر‏:‏ ولو اشتغلت بالتطوع أو بالوضوء أو أكلت أو شربت حنث لأن هذا ليس بعذر شرعا‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب لا يركب دابة فلان

‏(‏قوله مركب العبد المأذون إلخ‏)‏ يعني لو حلف لا يركب دابة فلان فركب دابة عبده فإنه يحنث بشرطين‏:‏ الأول أن ينويها‏.‏ الثاني‏:‏ أن لا يكون عليه دين مستغرق، أما إذا كان عليه دين مستغرق لا يحنث وإن نوى لأنه لا ملك للمولى فيه عند أبي حنيفة، وإن كان الدين غير مستغرق أو لم يكن عليه دين لا يحنث ما لم ينوه لأن الملك فيه للمولى لكنه يضاف للعبد عرفا وكذا شرعا قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من باع عبدا وله مال» الحديث فتختل الإضافة إلى المولى فلا بد من النية، وقال أبو يوسف في الوجوه كلها يحنث وإن لم ينو لاعتبار حقيقة الملك إذ الدين لا يمنع وقوعه للسيد عندهما هداية‏.‏ قلت‏:‏ وبه ظهر أن التقييد بالمأذون لأنه محل الخلاف فيحنث في غير المأذون إذا نواه بالأولى اتفاقا ‏(‏قوله والمكاتب‏)‏ لم أر من ذكره هنا، ولا يتأتى فيه هذا التفصيل وإنما قال في البحر عن المحيط ولو ركب دابة مكاتبه لا يحنث لأن ملكه ليس بمضاف إلى المولى لا ذاتا ولا يدا ا هـ‏.‏ ومقتضاه أنه لا يحنث وإن نواه اتفاقا لأن دابته ملك له لا لمولاه ولذا يضمنها المولى بالإتلاف، سواء كان عليه دين أو لا فتدبر‏.‏ ثم رأيت القهستاني قال‏:‏ والإضافة إلى المأذون تشير إلى أنه لو ركب مركب المكاتب لم يحنث ‏(‏قوله لا يحنث استحسانا‏)‏ أي وإن كان اسم الدابة لما يدب على الأرض إذا قال دابة فلان لأن العرف خصصه بالركوب المعتاد والمعتاد هو الحمار والبغل والفرس، فيقيد به وإن كان الجمل مما يركب أيضا في الأسفار وبعض الأوقات فلا يحنث بالجمل إلا إذا نواه، وكذا الفيل والبقر إذا نواه حنث وإلا لا، وينبغي إن كان الحالف من البدو أن ينعقد على الجمل أيضا بلا نية لأن ركوبه معتاد لهم، وكذا إن كان حضريا جمالا والمحلوف على دابته جمال دخل في يمينه بلا نية، وإذا كان مقتضى اللفظ انعقادها على الأنواع الثلاثة، فلو نوى بعضها دون بعض بأن نوى الحمار دون الفرس مثلا لا يصدق ديانة ولا قضاء لأن نية الخصوص لا تصح في غير اللفظ، وسيأتي تمامه في الفصل الآتي كذا في الفتح‏.‏ قلت‏:‏ أي لأن المحمول على العرف هو لفظ أركب لا لفظ دابة فإن لفظ دابة يشمل الكل عرفا ولغة وإنما خصص العرف لفظ أركب بهذه الأنواع الثلاثة، فلو نوى بعضها لم يصح لأنه تخصيص الفعل ولا عموم له وسيأتي تمامه، ثم حيث كان المدار على العرف المعتاد فينبغي أن الحالف لو كان ليس ممن يركب الحمار أن لا يحنث بالحمار وأنه لو كان الحالف مسافرا أن يحنث بالجمل بلا نية ‏(‏قوله وينبغي حنثه بالبعير إلخ‏)‏ أي إذا كان ممن يركب البعير كالمسافر والجمال وأهل البدو كما عرف مما نقلناه عن الفتح ‏(‏قوله ولو حمل إلخ‏)‏ أما لو أكره على الركوب فركب حنث ط ‏(‏قوله ولو حلف لا يركب أو لا يركب مركبا‏)‏ كذا في بعض النسخ ومثله في البحر عن الظهيرية وكذا في الخانية وهو المخالف لقول المصنف المار قريبا فاليمين على ما يركبه الناس، نعم في بعض حلف لا يركب مركبا ومثله في النهر، وفي التتارخانية حلف لا يركب مركبا فركب سفينة قال الحسن في المجرد لا يحنث وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ لكن العرف الآن المركب خاص بالسفينة فينبغي أن لا يحنث بغيرها ‏(‏قوله وسيجيء‏)‏ أي قريبا في الباب الآتي، والله سبحانه أعلم‏.‏